الجمعة، 1 مايو 2020

جهود أمَدُ همْبَاتِي بَاه في الدفاع عن اللغات الافريقية


أمد همباتي باه
ولد أمد همباتي باه  عام  1901 في بنجغارى  إقليم موبتي مالي،  كان  السفير الأول لجمهورية مالي بعد الاستقلال  إلى أن أطيح بالرئيس موديبو كيتا   1968  بقي في ساحل العاج إلى أن وافته المنية، وهو من أكبر  كتاب الأفارقة  المدافعين  عن اللغات الافريقية.


جمهورية ماليREPUBLIQUE DU MALI                                                                                
شعب واحد –هدف واحد – عقيدة واحدةUn peuple –Un but –Une Foi                                                                                                             
وزارة التعليم العالي والبحث العلميMinistère de l’Enseignement Supérieur et de la                                                                                           
 Recherche Scientifiques                                                                                                                                                                          
جامعة الآداب واللغات و العلوم الإنسانية  بماكو  (مالي)
كلية الآداب اللغات و العلوم الالسنية
المرحلة ماستير 2Cycle Master   

العنوان:Thème
  بحث مقدم لنيل درجة الامتحان في مادة اللسانيات

جهود أمَدُ همْبَاتِي بَاه في الدفاع عن اللغات الافريقية




اعداد الطالب                                                              تحت اشراف                                                                                                          محمد البشر                                                      د /  إسماعيل زنْغو برزي





2020    -  2019 


أمد همباتي باه
ولد أمد همباتي باه  عام  1901 في بنجغارى  إقليم موبتي مالي،  كان  السفير الأول لجمهورية مالي بعد الاستقلال  إلى أن أطيح بالرئيس موديبو كيتا   1968  بقي في ساحل العاج إلى أن وافته المنية، وهو من أكبر  كتاب الأفارقة  المدافعين  عن اللغات الافريقية.






          


                                    









أمدهمباتي باه وجهوده  في تنمية اللغات الافريقية
يتناول هذا البحث إجابة عن سؤالين وُجها إلى همباتي باه:
س1 همباتي اسمكم لا يزال مرتبطا بمثل يردده المتعلمون  أثناء الحديث: "عند ما يتوفى شيخ  كأنما مكتبات احترقت" كان همباتي متحمسا للغات الإفريقية خصوصا اللغة الفولانية التي يتقنها هل من الممكن أن توضح لنا هذا المثل؟
أجاب: منذ أن عينت في يونسكو اقترحت مشكلة كتابة اللغات الإفريقية في اجتماع، مما أثار ضحك  الأوربيين والتعجب سائلا ماذا تستفيد أوروبا من تعليم اللغات  الإفريقية؟  يقول: حين سأله أحد الأوروبيين ما الفائدة التي تعود علينا في تعليم اللغات الإفريقية؟  فكان جوابه الضحك أيضا لأن الذي فقدتموه مع التقدم في تكنولوجيا وفي الصناعة مازال بحاجة إلى المروءة والإنسانية.
وقد تمكنوا من غرس لغاتهم على أرضي إفريقيا بعد إصلاحها  وإعدادها لزراعة لغتها؛  فبعد تعييني في المجلس التنفيذ ليونسكو كان اسمى هدفي  أن أتحدث وأتكلم مع  الأوربيين عن تقاليد  إفريقية  كثقافة  وكان هذا الأمر أصعب شيء يتصور في ثقافة الغرب،  حيث تم ترسيخ هذا الاعتقاد كليا لديهم بأنه  بدون وجود الكتابة لا يمكن وجود ثقافة،  لأن الكتابة هي التي تصون وتحفظ الثقافة من الضياع  فهي قيدها  الذي يمنعها من الانفلات، إلى حد عندما  اقترحت لأول مرة فكرة الاعتناء بالتقاليد الشفوية كمصدر التاريخ والثقافة لم يثر هذا الاقتراح إلا ابتسامة، وكانت التساؤلات بأسلوب استهزاء وسخرية  ما هي الفوائد التي يمكن  أن تجلبها لنا عادات وتقاليد إفريقيا؟  نقول: إن تسخروا منا فانا نسخر منكم. ها هم اليوم يشنون الحروب على إفريقيا بغية استغلال ونهب خيراتها. ويتعلمون لغاتها ليس حبا لها ولكن لتحقيق المصالح.
وكانت إجابة همباتي لهم نفس الشيء الضحك الذي تفتقدونه، ولعله يمكن اليوم زيادة على أهمية الإنسانية  غير ثقافة تكنولوجيا الحديثة، التي تبدأ بالاضمحلال والمحو، من ادعاءهم أنه لا توجد الثقافة حيث تفتقد الكتابة وعدم وجود الكتابة لا يمنع إفريقيا من أن تكون له ماض وعلم ومعرفة.
كما يقول  أستاذي تيرنو بوكر:  الكتابة شيء والعلم شيء آخر،  الكتابة صورة العلم وليست هي العلم نفسه،  العلم هو التراث  الكائن في الإنسان  وهذا الإرث هو الذي عرفه أسلافنا ونقلوه إلينا عن الأصل فهو كشجرة بَوُباب  baobab   كل ما تحتويها من قوة تستمدها من جذورها، طبعا هذا العلم  الموروث والمنقول شفهيا من الفم إلى الأذن  مباشرة  يمكن أن يتطور، أو ينقص  إذا لم  يجد أرضا صالحة للتطور.
... العالم الإفريقي شمولي له  باع في كل  العلوم والمجالات، تجد شيخا عالما في الطب  وله دراية وخبرة في علم التربة وخصوصا في الزراعة، و كيفية معالجة مختلف أنواع التربة وعلم المياه والنجوم،  وعلم نشأة الكون و يمكن أن نتحدث هنا عن علوم الحياة، كون الحياة وجدت كوحدة متلاصقة حيث كل شيء متناسق ومتعلق بعضها ببعض،  يتم الاحتكاك فيما بينها.
لكل شيء  تاريخه في إفريقيا  إلا إن أكبر التواريخ  في الحياة  تتكون من أجزاء وإطراف وهي كالتالي : تاريخ الأراضي والمياه، الجغرافيا وتاريخ النباتات وعلم الأشجار والصيدلة، تاريخ خيوط الأرض، علم الحديد وعلم الأفلاك و النجوم، هذه العلوم  علوم طبيعية و ملموسة ويمكن استعمالها تطبيقيا، وفي نظام العلوم نبدأ بالأساس أي الكائنات أقل تطورا ونموا  وأقل حركة من الإنسان مرورا بالإنسان و يعد الأرض أساس الحياة والمسكن الأساسي  لمختلف الكائنات الحية، أو الأنواع الثلاثة للكائنات الحية وهي على درجات ومراتب.
1-الطبقة الأولى تحت السلم أي الأدنى نجد الكائنات الصامتة التي يعد الحديث عنها عبادة حيث لا يفهمها و لا يسمعها العامة الدنيا لكل ما على الأرض من الرمل والماء ..الخ
 2- تأتي بعدها الطبقة الثانية الكائنات الحية الثابتة يعني الكائنات التي لا حركة لها ولا تنتقل وهي النباتات التي تستطيع أن تمتد أو تلقي أطرافها وأغصانها في الجو والمكان ولكن الجذع ثابتا لا حراك له.
 3-الطبقة الثالثة فيها نجد الكائنات الحية المتحركة التي تبدأ بأكبر العضلات إلى الإنسان مرورا ببقية الطبقات الحيوانية الأخرى، وكل طبقة من هذه الطبقات تنقسم بدورها إلى ثلاثة مجموعات :
1- من بين هذه  الكائنات الساكنة والصامتة نجد الساكنة الجامدة والسائلة والهوائية أو الغازية
 2- وبين هذه الكائنات الثابتة  نجد النباتات المفروشة  والصاعدة والنباتات القائمة على الساق أو الجذع وتعتبر أعلى الطبقات.
3-الكائنات الحية المتحركة منها الحيوانات الأرضية والحيوانات بدون عظام مثل الدود ..إلخ وذوات العظام  والبحرية والبرية والطيور.
...انطلاقا من جمع هذه التقطيعات تمكن صديقي  بوبُ همَا من تأليف كتابه الضخم في التاريخ، علاوة على معرفته بتقاليد الفلانيين  في الحضارة؛ ذلك الإنسان مرتبط بكلامه، والكلام هو الإنسان، والإنسان هو الكلام، في الثقافة المعاصرة تقوم الورقة مقام الكلام ويعوض عنه، حيث يكمن الاحترام الفائق  للحكايات والروايات التقليدية التي ورثها الخلف من السلف التي يمكن تزيينها أو تزيين الصورة  ودوران الشاعر مع بقاء الشكل ثابتا على ممر العصور والقرون، وهذه الروايات منقولة عن عقول ثابتة معتمد في سنده وهذه الرزانة سمة من سمات  شعوب التقاليد الشفوية، وفي ثقافة الأمم  المتقدمة تعوض الورقة عن الكلام وتقوم مقامه هو الذي يربط بالإنسان،  ولكن هل نستطيع أن نقول بكل ثقة في مثل هذه الظروف، أن الورقة في هذه الثقافات  أكثر ثقة ودقة من المصادر الشفوية المراقب باستمرار من قبل المجتمع.   ليس عفويا أننا نحدد بأنه في إفريقيا يكون الجانب الظاهر من الشيء موافقا للجانب الخفي منه، الذي يمكن أن يعد مصدرا، كما يخرج النهار من الليل يتألف كل شيء من وجهين وجه مظلم ووجه منور، وكذلك كل علم أيضا يتكون من وجهين وجه ظاهر وآخر خفي...







 س2 إن إحدى المشاكل الأساسية التي تعاني منها إفريقيا حاليا هو مشكلة اللغة أنتم من النوادر في السودان ساحل الغرب من يتحدث ويكتب لغته الأم: لغة الفولانية. حدثنا قليلا عن المشاكل التي تخص كتابة هذه اللغة واللغات الإفريقية عامة.
ج– لا ندري بالتحديد متى بدأت كتابة اللغة الفولانية بالأبجدية العربية وإن لم تكن هذه الكتابة منظمة على نهج الغرب، إذ لم تكن هذه الدراسة منظمة ومحددة مسبقة كي يتم تحديد لكل فونيم حركة خاصة بها، لحد تختلف الكتابة من إقليم لآخر أو من بقعة لأخرى إذا لم تكن مع كل معلم، إلى حد أن لكل معلم نظامه الخاص في كتابة الأبجدية...  إلا أن الحالة الفريدة التي عرفت كانت حال فوتا جالون وذلك بفضل تطبيق  قديم وممارسة طويلة للكتابة  يمكن تقريبا إعادة قراءة النص وإن كان بنوع من الصعوبة.  يضيف همباتي  باه قبل مباشرة العمل في  I F A N   المعهد الأساسي للسود الأفريقيين  بـ دكار حيث عكفت على  العمل بحثا عن الحلول فكنت على اتصال متواصل مع بعض اللسانيين مثل العميد فيغارى جلبيير فييار وغدان كانوا هم المتخصصون في لغة الفولانية وكان لكل منهم نظامه الخاص في كتابة هذه اللغة، وتختلف تبعا باختلاف المعلم حسب كونه فرنسيا أو انجليزيا،  ومنذ ذلك الوقت عزمت دائما العمل لأنْ تكون لكل إفريقيا لغة، ولكل لغة أبجدية خاصة موضوعا باعتبار التقدم الملحوظ من المتخصصين الأوربيين، وتكمن أكبر صعوبة منذ زمن طويل أن التربية الوطنية الاستعمارية لم تكن تريد بقاء لغات الأجناس، وتجاهد بكل ما في وسعها استئصال التقاليد والتربية واللغات المحلية لتحل محلها لغتها الخاصة... فلم تتمكن أية لغة افريقية من فرض نفسها على جميع افريقيا كلغة واحدة؛ يذكر نزاع القبائل بكثرة  مثلا لا يسمح البمبار .. أن تكون لغة الفلانية لغته الثقافية، والعكس صحيح، لأن كل واحد من هذه الشعوب يرى هذا الخضوع  تدن لشخصيته تجاه الآخر،  ومع اللغة الفرنسية لغة قوية لم يتأثر بهذه الاعتبارات تم فرضها بقوة،  وكان نفس الشيء  للإنجليزية  في الدول الإنجليزية.
... لذا طلبت من يونيسكو في إطار مساعدته لإفريقيا في مكافحة الأمية إعادة النظر والتفكير والأخذ بعين الاعتبار مشكلة كتابة اللغات الإفريقية، وإيجاد حروف موحدة  مع اعتماد الحروف اللاتينية،   إذا تم نشرها بشكل واسع يسهل التطبيق على الدراسات الحديثة، هذا يعني مساعدة إفريقيا على حماية وتطوير شخصيتها الخاصة،  وتمكينها من التعبير عن نفسها. فعلا للأفارقة حق أن يتحدثوا عن أفريقيا وليس للأجانب أن يتحدثوا عن إفريقيا بدل للإفريقيين  أي عالم كان.
... في اغلب الأحيان يعيروننا بنيات وهي ليست نياتنا،  ويترجمون عاداتنا وتقاليدنا وفق منطق دون أن يكون منطقيا، وقد يكون عندنا  اختلاف المنطق والاستيعاب، و سوء الفهم  تعيب بالترجمة الواردة من الخارج،  نذكر مثالا عند الأوروبي  السلوك الجيد في المحادثة هو حدق العين في  من يحادثه مباشرة دلالة على الصراحة والعدالة، وأما في إفريقيا دليل على الوقاحة وعدم الاحترام وخصوصا إذا كان ذلك الشخص المخاطب أسن منه أو اكبر منه مرتبة, فان الإفريقي يغض البصر، وأما الأوربي فانه ينظر وجها بوجه الهدف المطلوب واحد، وهو الاحترام ولكن الكيفية والسلوك يختلفان، عندنا التعبير عن الاحترام يكون بنزع الحذاء أما عند الأوربي  يقتضي نزع القلنسوة.  وأدنى درجة الاحترام عند بعض القبائل مثلا عند الصنعي والطوارق يعد عيبا أن يخرج البالغ خال الرأس و لا سيما نزعه عند مقابلة شخص؛ وعندما تمثل صديقي بُوبُ هَمَا لأول مرة  أمام قائد الدائرة  كأول مدرس نيجيري فلم يكن منه إلا أن نزع نعليه احتراما له، لكن هذا السلوك بعيد كل البعد من التأثر في نفس القائد بل عده هينا ووبخه على هذا السلوك  المتخلف لأن البقاء مع القلنسوة يعد عدم احترام عند الأوربيين، وأن هذا دليل على عدم احترام شخصية القائد، لذا ينبغي أن تأتي الشروح والتأويلات والترجمات من إفريقيا نفسها لا من غيرها.
 ... وكما لا يخفى أن هَجْر لغاتنا حتما تقطع علاقتنا بتقاليدنا طال أم قصر وتُغير حتى بنية عقولنا سواء طال أو قصر،  سيؤدي حتما إلى قطع الإنسانية عن إحدى ثرواته  ومن نمط حياة أساسا إنسانية وأخوة متوازنة  التي أصبحت نادرة شيئا فشيئا في الإنسانية المعاصرة.
... بعد أن أثار اقتراحي ابتسامات استهزاء كثيرة، أخذت الفكرة المقترحة في يونيسكو تشق طريقها إلى أن وجدت حلها عام 1966، في مؤتمر بماكو حيث اجتمع أغلب دول غرب إفريقيا بشأن توحيد كتابة اللغات الإفريقية في ذلك الوقت، اعتمد معظم دول غرب إفريقيا الأبجدية التي تم  تأسيسها في بماكو، معترفة رسميا من قبل الحكومات الموقعة، ولسنغال الصدارة حيث قرر في الحين تعليم هذه اللغات الإفريقية في جامعاتها.
 ... قام بعض اللسانيين الذين تلقوا التكوين العلمي في الغرب ك باتي جان و ألفا سو،  اكتفي بذكر هذين قد عملا وأنجزا أعمالا جليلة، فيما يخصني، نشرت بواسطة يونيسكو قصة فلانية تكوينية، تحتوي على تعليم تطبيقي وعلم نفس  وعلم سري  والتي تحتوي في نفس الوقت على النسخة الأصلية الفلانية  بالأبجدية الموحدة، والنسخة المترجمة بالفرنسية.