الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020

جهود القسم العربي في خدمة المخطوطات 2017ـ2019

 


  جهود القسم العربي في خدمة المخطوطات 2017-2019

 

ذ. إسماعيل زنغو بزري

 

  ورقة للمشاركة في ورشة حول

 

اللغة العربية والمؤسسات الإسلامية في التعليم العالي والبحث العلمي في مالي

 يومي 09 و 10 ديسمبر 2020

 في معهد العلوم الانسانية بماكوـ مالي

 

 

 

القسم العربي كأي قسم أو شعبة؛ جهة علمية يؤدي مهامي التدريس والبحث العلمي في الجامعات والمدراس العليا، فأدى القسم مجموعة من البحوث الأكاديمية والعلمية، والأنشطة الثقافية .. إلخ.

ولكن في السنتين الأخيرتين 2017ـ 2019 عرف قسم الدراسات والبحوث العربية، التابع لكلية الآداب واللغات وعلوم الألسنية، جامعة الآداب وعلوم الانسانية (جامعة حكومية، أنشأ منذ 1994) مجموعة من الأنشطة العلمية السابقة من نوعها حول المخطوطات، والتي لم يعهدها من ذي قبل، والتي يمكن عرضها بالطريقة التالية:

1.    بحوث الأساتذة في القسم

ـ ألفا محمد بن مبارك بن طفى السَبَّاقُ إلى ترقين صنغي بالحرف العربي في تمبكتو

هذا البحث مُول من قبل معهد أحمد بابا  برزي وآخرون، منشور في مجلة سنكوري ع 10 ص ص: 20ـ 40 توصل ـ الباحثون ـ إلى أن الشيخ ألفا محمن بن مبارك خلف لنا مؤلفات كثيرة، أغلبها في التصوف؛ التي تحمل في طياتها عددا من النصائح القيمة؛ التي تعد من أولويات المشاكل التي تعانيها أبناء المنطقة.

كتبت أغلب هذه المؤلفات بلغة صنغي مستعملا الأبجدية العربية، ولما رأى أن ثمة أصواتا أخرى لا تعرفها العربية؛ ابتكر أصواتا جديدة من العربية، مع إجراء تحسين طفيف لتنسجم مع لغة صنغي؛ أما عن الجانب المعجم، فقد انتخب لغة صنغي العام، مع الارتكان إلى لهجة تنبكت إذ هي اللهجة السائدة في محيطه، وفي المقابل استعمل كلمات أخرى ليست منتشرة في لهجة تنبكت، وربما تستعمل في حدود ديري؛ مع الملاحظة أنه اقترض مجموعة من الكلمات العربية.

ـ ألفا محمد ميغا سَنكُرى وجهوده في المخطوطات العجمية بتنبكت: العقدية، اللغوية، الأدبية

هذا البحث منشور في مجلة القلم التابع لقسم اللغة العربية كلية الآداب واللغات وعلوم الألسنية مالي، عدد 03 ص ص: 32ـ 51  برزي وآخرون 2019، فخلص إلى أن ألفا محمد ميغا سَنكُرى من رواد المدرسة العجمية في لغة صنغي "لهجة تنبكت" ألّف عدة قصائد في الأدعية، ومدح الرسول عليه الصلاة والسلام، والرثاء، ومنظومات في التوحيد والفقه. وخلال هذا البحث وجدنا مجموعة من القصائد للشيخ في مكتبة معهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية. فركزنا على نموذج المخطوط رقم 4571 بمكتبة معهد أحمد بابا – تمبكتو

هذا النظم بلغة صنغي يدور حول كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"؛ وهي أصل من أصول العقيدة الإسلامية؛ إذ يركز عليها كل ما يأتي فيما بعد من عقائد، وأحكام، وشرائع. فلجأ فيه الشاعر إلى أسلوبي الشعر الوجداني والتعليمي لصناعة منظومته. مستعملا جملا اسمية: في التوكيد، والثبوت، والاستقرار. وأخرى فعلية: في الإنشاء الطلبي عند التضرع والدعاء؛ كما استخدم المحسنات البديعية للتأثير على المستمعين والقارئين، منها: التصريع، الجناس، المقابلة.

ـ رتبة قواميس الثنائية اللغوية في مخطوطات تنبكت

هذا البحث منشور في مجلة سنكوري التابعة لمعهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية تنبكت عدد 12 ص ص: 07 ـ 26، برزي وآخرون 2019، حول مخطوط أحمد بابا التنبكتي الذي لم نجد فيه إلا نسخة واحدة، ولأهميته البالغة توصلنا إلى رصد بعض أفكار المتعلقة بعلاقة اللغة العربية مع اللغات الافريقية، وخاصة تلك التي احتكت بالعربية منذ فجر الاسلام، مرورا بالفكر المعجمي في الثقافة العربية الذي تبلور عن ظهور مجموعة من قواميس أحادية اللغة ثنائية اللغة فمتعدد اللغات.

كما تمكنا من إعادة كتابة نص المخطوط، موضحا المنهج المتبع في هذه الدراسة ورتبة هذا القاموس بين غيره من القواميس؛ لنخلص أن هذا الشعب استطاع أبناؤه وضع قواميس متخصصة منذ القرن السادس عشر، تزامن مع وضع أول قاموس ثنائي اللغة بين الإسبانية ـ العربية، وربما يمكن القول بأنه ثاني قاموس في الثنائية بين العربية وغيرها من اللغات الأخر على مستوى العالم؛ والذي عمل هذا هو أحمد بابا التنبكي.

وهذا يدل بلا شك على ما قدمته هذه الشعوب للإنسانية جمعاء؛ وآثار ذلك واضحة على مختلف الشعوب في المنطقة.

 

2.    بحوث الماستير

في مرحلة الماستير عرف القسم بحثان مهمان حول المخطوطات يمكن إيرادهما:

ـ أحمد أبو الأعراف التكني، حياته وجهوده الأدبية والعلمية في معهد أحمد بابا بتنبكت،  دراسة إحصائية وصفية تحليلية، محمد القاضي سليمان ميغا، إشراف د.عبد الرحمن سيسي، 2019.

توصل إلى إبرز جهود، متمثلا في اختصار وتلخيص الكتب المطولة وفهرستها وإعادة تنظيمها وترتيب المعلومات المتناثرة وجمعها، وشرح المنظومات التي تحتاج إلى ذلك.

ـ دراسة فصائد بلغة سغي مكتوبة بالحرف العربي، إنتاج ألفا محمن بن مبارك أنموذجا، دراسة تاريخية وصفية تحليلية، سيد إمام ميغا، إشراف د.عبد الرحمن سيسي، 2019.

3.    الندوات

نظم القسم أنشطة علمية وخاصة ندوات في السنتين الأخيرتين، بالطريقة التالية:

ـ في 28 أكتوبر 2017 نظم فريق بحث حول المخطوطات تابع لجامعة همبورغ ندوة علمية حول: مخطوطات مالي التنمية، بالتنسيق مع معهد أحمد بابا، سفاما، جامعة همبورغ، فتم استعراض خمسة بحوث.

ـ في 16ـ17 نوفمبر 2018، نظم القسم ندوة دولية حول المخطوطات والتنمية بالتنسيق مع جامعة همبورغ، معهد أحمد بابا، سفاما، فتم استعراض ثلاثة عشر بحثا.

في الندوتين تم استعراض ومناقشة مجموعة من البحوث حول المخطوطات وتكنلوجيا، التعاون في البحث حول المخطوطات، المخطوطات والطب، نصائح للأمراء، جهود شخصيات في المخطوطات المعجمية، مثل: ألفا محمن وأحمد لب ..إلخ مع محاولة ربط كل البحث المقدمة بالتنمية العلمية والثقافية والحضارية.

4.    مختبر اللسانيات العربية

في 2015 في اجتماع على مستوى القسم تم الاتفاق على انشاء مختبرين في القسم، مختبر في اللسانيات العربية الحديثة، وآخر في الأدب؛ ويبدو إلى حد الآن أن مختبر اللسانيات العربية هو الذي رأى النور؛ فانكب على البحث طوال هذه الفترة، ووجد ضالته في المخطوطات العجمية فتمكن من العمل في مشروع معجمي ضخم حول المصطلحات الطبية في المخطوطات.

وإلى حد الآن تم نشر مقالتين، الأولى ـ لا تهمنا ـ حول اللسانيات الاجتماعية، أما الثانية ففي:

الطبّ الشعبي في المخطوطات العجمية: الشيخ برما تشيرو نموذجا  (مقاربة وصفية ومعجمية)  

هذا البحث قيد النشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالنيجر؛ توصل الباحث إلى استغلال مخطوط نادر للشيخ برم تشيرو ـ في بماكوـ الذي تمكن من تقديم دراسة في غاية الأهمية عن الرقى الطبية الأفريقية وأشجارها من خلال المخطوطات العجمية؛ مركزا على أنواعها ومحتوياتها وميزاتها وفوائدها؛ مع الإشارة إلى مواقعها وأساليب استغلالها؛ فقام الباحث بتتبع الجوانب اللغوية المختلفة في هذا المخطوط بمنهجية علمية رصينة.. ثم أخيرا وضع مسرد بمصطلحات طبية (علاجية) وردت في النّماذج المدروسة.

5.    المشاركة في ورشات همبورغ

من عام 2015 وجد بعض الباحثين في القسم العربي فرصة عقد حول البحث في فهرسة المخطوطات ودراستها حظي منه ثلاثة من الزملاء، فانكبوا العمل وتمكنوا من المشاركة في استعراض بحوثهم في ورشات تنظمها معهد دراسة ثقافة المخطوطات بهمبورغ ـ ألمانيا في نوفمبر 2017، و مثله 2018.

6.    مجلة القسم

عرف القسم العربي مجلة علمية محكمة وسم بمجلة القلم منذ 2011، فتم إصدار العدد الأول، ولكن لبعض الظروف توفقت المجلة، وفي 2017 تم الاتفاق بعد جلسة في القسم على إحياء المجلة، وفي 2018، تم إصدار العدد الثاني والثالث في 2019، عرف العددان مقالات في المخطوطات، كما سبق أعلاه.

نخلص إلى أن القسم العربي في السنتين 2017ـ 2019 كان على رأسه ذ. إسماعيل زنغو برزي قدم أنشطة علمية في غاية الأهمية حول المخطوطات بحثا ونشرا وتحقيقا، ومشاركات في الندوات العلمية في الداخل و الخارج، ناهيك عن إنشاء مختبر في اللسانيات العربية، وكذا إعادة إحياء المجلة العلمية؛ مما جعله في قائمة أفصل قسم في وقته بالجامعة من حيث الإنتاج والتحصيل العلمي بشهادة العمادة الرئاسة.

 


الجمعة، 27 نوفمبر 2020

Langue arabe et établissements islamiques dans l’enseignement supérieur et la recherche scientifique au Mali

 

  Atelier

 

Langue arabe et établissements islamiques dans l’enseignement supérieur

et la recherche scientifique au Mali

 

Les 9 et 10 décembre 2020 à l’Institut des Sciences Humaines, Sotuba, Bamako

 

PROGRAMME PRELIMINAIRE

 

 

Journée I – mercredi 9 décembre 2020

 

9h00 – 9h30 Mise en place

 

9h30 – 10h15 

Cérémonie d’ouverture :

Mot de bienvenue du Directeur de l’Institut des Sciences Humaines (ISH)

Intervention des représentants de l’Ambassade de France et de l’Institut de Recherche pour le Développement (IRD)

Discours du Ministre de l’Enseignement supérieur et de la recherche

 

Exposé introductif  : Emergence des enseignements arabophones et islamiques universitaires au Mali (Tal Tamari, CNRS/IRD/ISH)

 

10h15 – 10h45 Pause café

 

10h45 – 11h45[1]

Panel I : Histoire et défis

- Historique de l’enseignement supérieur arabo-islamique au Mali (Abdoulkadri Maiga, Directeur-général de I’Institut Zayed des Sciences Economiques et Juridiques de Bamako)

- Parcours académiques des arabisants (Allaye Sékou Dicko, Académie d’Enseignement de Mopti)

- Le statut de la langue arabe au Mali (Issa Nassoko, IZSEJB)

Discussion  (Modérateur : Mamadi Dembélé, ISH)

 

11h45 – 13h00

Panel II : Qualité et efficacité dans l’enseignement supérieur

- Efficacité (Seydou Loua, Université des Lettres et des Sciences Humaines de Bamako)

- Assurance qualité (Cedric Mayrargue, Direction Nationale de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche Scientifique)

- La qualité dans les formations arabophones et bilingues (Aboubacar Dembélé, IZSEJB)

Discussion (Modérateur : Kawélé Togola, ULSHB)

 

13h00 – 14h00 Déjeuner


14h00 - 15h30

Panel III : Programmes et cursus : secteur public

- Présentation de la section d’arabe de l’Ecole Normale Supérieure (Sékou Mory Namakri, ENSUP)

-  Présentation du département d’arabe de Université des Lettres et Sciences Humaines de Bamako (Samby Khalil Magassouba, ULSHB)

- Présentation de l’Institut Zayed des Sciences Economiques et Juridiques de Bamako (Abdoul Moumine Bamba, IZSEJB)

Discussion (Modérateur : Soumaïla Oulalé, Doyen par intérim de la Faculté des Sciences sociales de l’Université de Ségou)

 

15h30 – 15h50 Pause café

 

15h50 – 17h00

Panel IV : Programmes et cursus : secteur privé

       - Création et ouverture des universités privées et habilitation de leurs formations (Karim Berthé, DGESRS)

-  Présentation de l’Université Privée du Sahel (Hamadou Boly, ULSHB/UPS)

- Présentation de l’Université Privée Africaine Franco-Arabe (Mohamed Diarra, Vice-recteur, UPAFA)

Discussion (Modératrice : Bintou Sanankoua, Présidente par intérim de l’Académie des Sciences)

 

Journée II – jeudi 10 décembre 2020

 

9h30 – 11h00

Panel V : Les manuscrits anciens dans la formation et la recherche

- Institut des Hautes Etudes et Recherches Islamiques Ahmed Baba (Mohamed Diagayeté, Directeur-général de l’IHERIAB)

- ONG Sauvegarde et Valorisation des Manuscrits pour la Défense de la Culture Islamique (Abdel Kader Haïdara, Président exécutif et Banzoumana Traoré, Gestionnaire du patrimoine écrit et Coordinateur de programmes, SAVAMA-DCI)

- Département d’arabe de l’Université des Lettres et Sciences Humaines de Bamako (Ismaïla Zangou Barazi, ULSHB)

Discussion (Modérateur : Hamidou Magassa, Centre d’étude et de recherche sur les ressources naturelles au Sahel).

 

11h00 – 11h30 Pause café

 

11h30 – 13h00

Table ronde : La langue arabe dans la production scientifique et littéraire contemporaine au Mali

Participants : Hamadou Boly (ULSHB/UPS), Abdourahamane Cissé (Directeur-général adjoint de l’IHERIAB), Abdallah Dramé (poète), Youssouf Mariko (ULSHB/UPAFA).

Modérateur : Samby Khalil Magassouba (ULSHB)

 

13h00 -14h00 Déjeuner

 

14h00 – 16h00

Débat général, suivi de la cérémonie de clôture

Rapporteurs : Boubacar Bassoro Touré (IHERIAB), Séga Cissé (ISH), Philibert Sylla (ISH)

 

16h00 – 17h00 Pause café et discussion informelle

 

 

 

Comité scientifique : Mamadi Dembélé (ISH), Abdoulkadri Maiga (IZSEJB), Tal Tamari (CNRS/IRD/ISH), Kawélé Togola (ULSHB)

 

 

Tout au long des deux jours :

Exposition des publications scientifiques et littéraires en arabe, bilingues, ou portant sur l’enseignement, la langue ou la civilisation arabes ou islamiques.

 

 



[1] Chaque panel comportera 3 intervenants et 1 modérateur : 3 exposés de 15 à 20 minutes suivis d’une discussion de 15 à 30 minutes.

الاثنين، 21 سبتمبر 2020

السياسة اللغوية في مالي

 


 

السياسة اللغوية في مالي

(من الإستقلال 1960 إلى 2000 م)


بحث مقدم لاستيفاء بعض الأعمال لنيل على درجة الفصل في اللسانيات الاجتماعية

للطالب: أمادو ميغا

تحت إشراف: أ.د. إسماعيل زنغو برزي

2019-2020

                              بسم الله الرحمن الرحيم




مقدمة:

الحمد لله المحمود بكل لسان، والصلاة والسلام على من أرسل إلى العالمين كافة وعلى الآل والصحابة.

وبعد:

فمنذ قديم الزمان اعتنى العلماء بدراسة اللغة؛ إنها من أعظم الاكتشافات التي عرفها الإنسان على مر العصور. ولا یمكن فهم اللغة وقوانین تطورها بمعزل عن حركة المجتمع الناطق بها في الزمان والمكان المعینین.

 يرى بعض علماء أن اللسانيات الاجتماعية هي اللسانيات بعينها لوجود علاقة وطيدة بين اللغة والمجتمع. إن اللغات كائنات حية تنمو وتتطور وتموت وتستبدل، وتؤكد هذه المظاهر أن اللغة تلازم الوجود الإنساني، فهي المؤسسة الأولى في المجتمع يتعامل معها الفرد ويخضع لها، فهي خلفية لسلوكياته ولجميع مناحي حياته الاجتماعية والاقتصادية والدينية أو بكلمة واحدة؛ حياته السياسية. ببقاء اللغة يبقى الفرد وبزول بزوالها[1].

عرفت الدراسات اللغوية نهضة علمية مع العالم اللساني فرديناد دي سوسيرFERDINAND DE SAUSSURE في نهاية القرن الثامن عشر على ضوء المنهج الوصفي بعد مرورها بمراحل كثيرة عند الهنود والإغريق والرمان والإفريقيين في مصر القديمة والعرب ولم تكن دراستها تتسم بالموضوعية حينها.

فعلم اللسانيات الحديثة تنقسم إلى اللسانيات العامة( النظرية) واللسانيات التطبيقية. وتندرج تحت كلا القسمين فروع أخرى. اللسانيات التطبيقية تعتبر تطبيق نظريات اللسانيات العامة على العلوم الأخرى أو دراسة هذه العلوم من خلال اللسانيات؛ و تعتبر اللسانيات الاجتماعية إحدى فروع اللسانيات التطبيقية.

اللسانيات الاجتماعية تدرس العلاقات القائمة بين اللغة والأفراد من جهة، وبينها وبين المعطيات الاجتماعية والوضعية الاجتماعية التي يوجد فيها الفرد، كما تتدخل اللسانيات الاجتماعية في وضع سياسات التخطيط اللغوي (السياسة اللغوية).

سنحاول في إطار هذا البحث الموجز إلقاء الضوء على العناصر التالية حول موضوع: السياسة اللغوية في مالي (من الاستقلال 1960 إلى 2000 م).

?                       نبذة عن جمهورية مالي

?                       ما هية السياسة اللغوية

?                       السياسة اللغوية في مالي: البعد القانوني

?                       السياسة اللغوية في مالي: البعد المؤسسي

?                       بعض الانجازات


 

ما هية السياسة اللغوية

تعريف السياسة اللغوية:

لغة:

السياسة بمعناه اللغوي مأخوذ من مادة: ساس، يسوس أي يقوم بعملية معالجة الأمور والشؤون بتسيير عملية التنظيم والترتيب للشؤون المتعلقة بالعام والخاص.

فهي الإجراءات والأساليب والطرق الخاصة باتخاذ القرارات من أجل الوصول لشكل تنظيمي جيد لشؤون الحياة في شتى مناحي المجتمعات البشرية؛ بدراسة الآليات الخاصة بكيفية صنع التوافق والإجماع والتراضي المشترك بين كافة التوجهات الخاصة بالبشر مثل التوجهات الاقتصادية أو الأمور الاجتماعية.

واصطلاحا نعني بالتركيب: السياسة اللغوية؛

إن مصطلح السياسة اللغوية مركب وصفي بسيط، ترجم إلى العربية عن مركب أجنبي الذي يقابل في الفرنسية LA POLITYIQUE LINGUISTIQUE و في الانجليزية LANGUAGE POLICY.

السياسة اللغوية هي الإجراءات التي تتخذها مؤسسا ت الدولة لمراقبة الوضع اللغوي والتحكم في مساره وضبط إيقاعه. وأشهر هذه الإًجراءات وأقواها هو اتخاذ المواد الدستورية والتشريعية المتعلقة بالحالة اللغوية في المجتمع، وهذه المواد الدستورية والتشريعية بمثابة الموجه لحركة التخطيط اللغوي في البلاد، وما يقتضيه من رسم وتنفيذ يسعى لإحداث تغيير في بنية اللغة ومنزلتها، أو في طريقة تعليمها، وهو مجال يهتم بجميع قضايا اللغة في علاقتها بالمجتمع؛ لذا يمكن القول إن السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي يجب أن يقعا بحكم طبيعة موضوعهما في صلب الاهتمامات العلمية للسانيا ت الاجتماعية، وإن كانا من الناحية الإجرائية يمثلان وجها أساسياً من أوجه "السياسة العامة" للدولة[2].

نبذة عن جمهورية مالي

جمهورية مالي دولة ساحلية في غرب أفريقيا. وتحدها الجزائر شمالا والنيجر شرقا وبوركينا فاسو وساحل العاج في الجنوب وغينيا من الغرب والجنوب، والسنغال وموريتانيا في الغرب. تزيد مساحتها عن 1,241,238 كم.

 عاصمتها باماكو، ويتكون مالي من عشرة أقاليم إدارية حاليا. ويتمحور التركيز الاقتصادي في البلاد حول الزراعة وصيد الأسماك. ويوجد في مالي بعض الموارد الطبيعية مثل الذهب والملح وغيرها[3].

مالي الحالية عرفت من قبل امبراطوريات أفريقية غربية، سيطرت على التجارة عبر الصحراء؛ مثل مملكة غانا ومالي وصونغاي والمملكة الفلانية في ماسينا وكذالك البمبارية في سيقو. استولت فرنسا على مالي أثناء الزحف على أفريقيا أواخر القرن التاسع عشر، وجعلتها جزءا من السودان الفرنسي. نالت السودان الفرنسية على استقلالها في سنة 1959 مكونة مع السنغال: اتحاد مالي FEDERATION DU MALI . انحل عقد الاتحاد بعد عام من تأسيسه في أعقاب انسحاب السنغال، فأعلنت الجمهورية السودانية سيادتها الدولية باسم جمهورية مالي عام 1960.

جل لغات مالي كانت لغات إدارية في ظل الامبراطوريات والممالك المتعاقبة، لذا بادرت الجمهورية الأولى في فترة مبكرة إلى اتخاذ قرارات سياسية وإصلاحات مهمة في مجال التربية في شأن لغاتها الوطنية منذ 1962.

السياسة اللغوية في مالي: البعد القانوني

جميع القرارات القانونية والمؤسسية المتخذة في إطار التخطيط اللغوي في مالي هي نتيجة لالتزام سياسي من مختلف السلطات في البلاد.

التوجيهات التي كلفت بها المؤسسات للتخطيط اللغوي في مالي مستمدة من النصوص القانونية الموضوعة لتعزيز اللغات الوطنية وتطويرها. وأدى تطبيق هذه النصوص بشكل عام إلى إنشاء هيئات مختصة ومشاريع وبرامج لتطوير اللغات الوطنية. فاتخذت نصوص قانونية عديدة متعلقة بالتخطيط اللغوي في مالي منذ عام 1962.

-            تحقق الالتزام الدولي لجمهورية مالي بمفهوم محو الأمية الوظيفية بموجب المرسوم رقم 70 / PG-RM المؤرخ 12 مايو 1967 بشأن تنظيم التعليم، وهو نص يوصي بمحو الأمية الوظيفية التي تهدف إلى التدريب المهني للمتعلم وتأهيلهم للعب دورهم بفعالية في المجتمع.

-            لتنفيذ هذا القرار في شأن محو الأمية الوظيفية، حدد المرسوم رقم 85 / PG-RM المؤرخ 26 مايو 1967 الحروف الهجائية للغات التالية: بمنان، فولفولدي، صنغاي وتاماشيك. أتاح هذا المرسوم بشأن الحروف الهجائية تصميم كتب محو الأمية الوظيفية باللغات الوطنية الأربع المختارة.

في أعقاب المؤتمر الوطني الثاني للتعليم التي عقد في باماكو عام 1978 تمت المطالبة بإدخال اللغات الوطنية في نظام التعليم الرسمي.

-             المرسوم رقم 159 / PG-RM المؤرخ 19 يوليو 1982 يمنح صفة اللغة الوطنية لعشرة من لغاتنا. تم بالفعل صياغة هذه اللغات الوطنية العشرة وتزويد كل منها بقواعد الأبجدية والكتابة واستخدامها كوسيلة لمحو الأمية في مشاريع وبرامج التنمية الريفية. كانت هذه هي اللغات الوطنية التالية: بمنان، بومو، بوزو، دوغوصو، فولفولدي، مامارا، سونينكي ، صنغاي، سينارا وتاماشيك. وقد تم بالفعل إدخال بعضها في التعليم الرسمي على أساس تجريبي في وقت مبكر من عام 1979 ، في تطبيق لتوصيات الحلقة الدراسية الوطنية الثانية حول التعليم.

 

بعد عشر سنوات من توقيع المرسوم الذي يمنح وضع اللغة الوطنية لعشر لغات من لغاتنا ، ينص دستور مالي لعام 1992 على مبدأ الترويج وإضفاء الطابع الرسمي على اللغات الوطنية.

 

بعد أربع سنوات من اعتماد دستور عام 1992 ، صدر القانون رقم 96-049 المؤرخ 23 أغسطس 1996 بشأن الترويج لـ 13 لغة وطنية. هذه هي: بامانانكان ، بومو ، بوزو ، ديجوسو ، فولفولدي ، هاسانيا ، مامارا ، مانينكانكان ، سونينكي ، سويوي ، سينارا ، تاماسامات وكسا سونغاكسانو.

 

ينص القانون رقم 99-046 المؤرخ 26 ديسمبر 1999 بشأن قانون التوجيه في التعليم ، في الفصل الأول ، الفصل الثاني ، المادة 10 ، على أن التعليم مقدم باللغة الرسمية وباللغات الوطنية. يتم تحديد شروط استخدام اللغات الوطنية والأجنبية في التعليم بمرسوم من الوزراء المسؤولين عن التعليم.

لتطبيق هذه القوانين والمراسيم التي ميزت تطور التخطيط اللغوي في مالي ، تم إنشاء المؤسسات المقابلة و / أو تعزيزها تدريجياً. هذه المؤسسات كانت مسؤولة عن تطوير وتنفيذ البرامج والمشاريع القادرة على تعزيز اللغات الوطنية والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد.

مالي من بين البلدان الأفريقية المستفيدة من البرنامج التجريبي لمحو الأمية في العالم (PEMA) الذي أطلقته اليونسكو بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. من أجل إدارة هذا البرنامج الهام لمحو الأمية الوظيفية ، تم إنشاء المركز الوطني لمحو الأمية الوظيفية (CNAF) في عام 1967. في الفترة من 1967 إلى 1972 ، سيقوم هذا الهيكل المركزي بتنفيذ أول برنامج وطني باستخدام اللغات المحلية مع فروعها على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي ، وهي المديريات الإقليمية لمحو الأمية الوظيفية ومراكز محو الأمية الوظيفية (CAF).

عندما انتهت صلاحية PEMA ، تم إنشاء المعهد الوطني لمحو الأمية الوظيفية واللغويات التطبيقية (INAFLA) في عام 1973 لتولي مسؤولية من CNAF.

في نفس الوقت ، لتعزيز نجاح PEMA ، قررت السلطات العامة دمج عنصر محو الأمية في جميع عمليات التنمية الريفية (ODR) ، بهدف تحسين تدريب المنتجين وتنظيمه.

بعد أقل من عامين من إنشائها ، تم استبدال INAFLA في عام 1975 بالمديرية الوطنية لمحو الأمية الوظيفية واللغويات التطبيقية (DNAFLA). من خلال قسم البحوث اللغوية والتربوية (DRLP) ، تعد DNAFLA مسؤولة عن إجراء البحوث بغرض ، من ناحية ، تطوير أساليب جديدة لمحو الأمية الوظيفية وتدريب الكبار ، ومن ناحية أخرى من ناحية أخرى ، استيفاء الشروط العلمية والتقنية اللازمة لإدخال اللغات الوطنية كمواد ووسائط للتدريس في نظام التعليم الرسمي.

 

بعد مرور أكثر من عقدين على إنشائها ، في إطار "إعادة تأسيس نظام التعليم" و "برنامج تطوير التعليم العشري" (PRODEC) ، خضعت DNAFLA لانفجار يولد ثلاثة هياكل جديدة مسؤولة عن الترويج للغات الوطنية ولديها صلاحيات إضافية. هذه الهياكل هي: DNEB ، CNR-ENF و ILAB.

 

 تضم المديرية الوطنية للتعليم الأساسي (DNEB) ، التي تم إنشاؤها في عام 2000 ، قسمين ، أحدهما مسؤول عن محو الأمية الوظيفية والآخر في مراكز التعليم من أجل التنمية (CED). وفقًا لإرشادات PRODEC ، يتم إنشاء هذه الأقسام ، وهي الأولى لتحسين جودة التعليم من خلال إدخال اللغات الوطنية في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي ، والثانية لمحو الأمية وتدريب الأطفال خارج المدرسة و خارج المدرسة من 9 إلى 15 سنة.

 

تم إنشاء المركز الوطني لموارد التعليم غير الرسمي (CNR- ENF) في عام 2001 للمساعدة في تنفيذ السياسة الوطنية للتعليم غير الرسمي.

قام معهد عبد الله باري للغات (ILAB) ، الذي تم إنشاؤه عام 2001 ، بالمهام التالية:

 

. المساهمة في تعريف سياسة اللغة في مالي ، لا سيما في المجالات التعليمية والثقافية والاجتماعية والإدارية وفي تنفيذ هذه السياسة ، ولا سيما من خلال البحوث العملية ؛

 

. تحديد وتعزيز جميع اللغات الوطنية المعتمدة في المجالات الاجتماعية اللغوية في البلاد ؛

 

. تعزيز التعاون مع البلدان الأفريقية الأخرى ، ولا سيما مع أولئك الذين يتقاسمون لغة واحدة على الأقل مع مالي.

بناءً على توصية المنتدى الوطني للتعليم من أكتوبر إلى نوفمبر 2008 ، سيتم إنشاء ILAB كأكاديمية مالية للغات بهدف تعزيز استخدام اللغات الوطنية في جميع مجالات الحياة العامة.

 

تجدر الإشارة أيضًا إلى أن المركز الوطني للتعليم (CNE) ، والذي أصبح "التوجيه الوطني لعلم أصول التدريس" (DNP) ، والذي تم إنشاؤه في عام 2000 ، تضمن قسم "اللغات والاتصالات" ضمن قسم "المناهج". ". كان دور هذا القسم هو تصميم وتطوير الكتب المدرسية باللغات الوطنية.

 

في الآونة الأخيرة ، تم إنشاء المديرية الوطنية للتعليم غير الرسمي واللغات الوطنية (DNENF-LN) للتو في عام 2011.

الوضع الحالي للغات الوطنية

 

تمر اللغات الوطنية حاليًا بفترة تتميز بزيادة الميل لاستخدامها في جميع مجالات الحياة العامة واستمرار العقبات المختلفة. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الوسائل المحدودة للغاية لمؤسسات البحث اللغوي ، إلى عدم كفاية التنسيق بين المشاريع والبرامج للترويج للغات الوطنية وكذلك إلى بعض التردد ، حتى المقاومة من بعض الدوائر التي ، رغم أنها في الأقلية ، تبقى مؤثرة ومعادية لاستخدام اللغات الوطنية في الفضاء العام



[1] - راجع: هدى الصيفي؛ علاقة السياسة اللغوية بالتخطيط اللغوي، بحث م قدم لاستكمال متطلبات الماجستير في اللغة العربية وآدابها، جامعة قطر،2014-2015.

[2] - راجع: هدى الصيفي؛ علاقة السياسة اللغوية بالتخطيط اللغوي، ص: 30،  المرجع السابق.

[3] - أنظر: https://ar.wikipedia.org/wiki