الثلاثاء، 6 يوليو 2021

الخصائص البشرية و اللغوية في جنوب مالي

 الخصائص البشرية و اللغوية في جنوب مالي


الخصائص البشرية واللغوية في جنوب مالي:

(دراسة نموذجية)

د. عثمان تروري/ أ. عمر سيسي

مختبر اللسانيات العربية ــ قسم اللغة العربيةــ جامعة بماكو ــ مالي

مجلة التضامن العلمية ع1، ص217ــ 226، 2019

مقدمة 


هذه الدّراسة تمثل عصارة جهود فريق عمل لساني بقسم الدراسات والبحوث العربية، في كلية الآداب واللغات والعلوم اللّسانية، بجامعة الآداب والعلوم الإنسانية بماكو، في جمهورية مالي. وهي دراسة تعتبر من ناحيةٍ ثقافيةً وحضارية، ومن ناحية أخرى لغوية؛ وتعني بالجوانب اللغوية التي تعتبر ملتقى لحضارات الشمال والجنوب الأفريقيين، إذ تعايشت ولا يزال تتعايش  فيها بيض وسود، من قديم الزمان إلى الآن.

تزخر جمهورية مالي اليوم  بلغات  وثقافات مختلفة ومتنوعة كما تتّسم بالتّنوع اللّغوي والثّقافي، باختلاف أعراق أهلها ومناطق عيشهم، وظروف حياتهم وأنماط أنشطتهم ووظائفهم وأدوارهم في المجتمع؛ ممّا هو متصلة بالبيئة الجغرافية ووضعياتهم الاجتماعية ومرجعياتهم الوظيفية والدينية (العقدية).. وغيرها، وإن كان يجهلها بعض الماليين.

الأمر الذي فرض على أفراد هذه المجموعة من الباحثين انضمامهم إلى كوكبة من الباحثين المهتمين بـقضايا غرب إفريقيا عامة ومالي خاصة ثقافيا، حضاريا، ولغويا؛ لإشباع رغبات الباحثين بمعطيات هذه المنطقة. وقد اختار الفريق لورقته هذه عنوان: ((الخصائص البشرية واللغوية في جنوب مالي، دراسة نموذجية))،

وقد قسّم الفريق عمله إلى إطارين: لغوي  وانثر  بولوجي. وركز على بيان دلالة المصطلحات الواردة في العنوان، ومفاهيمها المقصودة، مع ذكر الخصائص اللّغوية والعقدية لسكان منطقة جنوب مالي.

إن من ينظر إلى تعريف اللغة لدى هاله Hall  عند قوله: " اللغة نمط اجتماعي منظم يتواصل بها البشر ويتفاعل بها الواحد مع الآخر بواسطة الرموز الاعتباطية المسموعة  المنطوقة المعتاد استخدامها"؛ يجد أن هذا التعريف ينطبق تماما على لسان بعض سكان منطقة جنوب مالي؛ لأنه حسب المؤرخين كان لدى الكهنة في عهد سومنغور نوع من الرموز الكتابية يميزون بها بين طلاب الكهانة وغيرهم، حتى لا يتسلل بين الطلاب من ليس منهم، وقد بقيت بعض رموز هذه الكتابة لدى مزاويلي عبادة الوثن ( قوما ) إلى اليوم :

والجدير بالذكر أننا ركزنا في إطار دراستنا على بيان دلالة المصطلحات الواردة في العنوان، ومفاهيمها المقصودة، مع ذكر الخصائص اللّغوية والعقدية لسكان منطقة جنوب مالي؛ على النّحو التّالي:

 أولا : المصطلحات والمفاهيم:

لتحديد دلالة المصطلحات ومفاهيمها في هذا البحث، نبدأ بطرح سؤال محوري مركب هو: ما المقصود بالوضع اللغوي في وجنوب مالي ؟ للإجابة عن هذا السؤال يتطلب منا تفريعه إلى جزئيات تتمثل فيما يلي:

ما دلالة كل من الوضع اللغوي، وجنوب مالي، ولفظة مالي ذاتها؟؟

وكل سؤال من هذه الفروع بحاجة إلى تفكيك لما هو مركب منها، وتعريف جزئية كل مركب منها على حدة تعريفا مستقلا، ثم إعادة تركيبها جميعا وتعريفها تركيبيا؛ لتشير إلى دلالتها المعرفية في الحقل المعرفي المراد. وعليه نسير في تطبيق ذلك على النهج التالي:

ü الوضع اللغوي والتنوعي:

فهذا المصطلح يتكون من جزءين هما: الوضع اللغوي والتنوعي.

1- الوضع اللغوي: معنى الوضع هو "هيئة الشَّيء التي يكون عليها ، وَضْع اقتصاديّ، سياسيّ، ثقافيّ."وضع لغوي: حالة اللغة التي عليها.

ومعنى اللغوي: هو اسم منسوب إلى لُغَة: بحث لغوي، خطأ لُغَوِيّ، دراسة لُغَوِيَّة. ثُنائيّة لُغويَّة: أي: الكتابة بلغة والتكلُّم بلغة أخرى. من خلال هذا التعريف اللغوي يتضح أن المقصود بالوضع اللغوي: هو هيئة اللغات التي يتم التواصل بها بين شعوب جنوب مالي، وطبيعة تلك اللغات قد تكون ثنائية لغوية في مناطق، وقد تكون متعدد اللغة في مناطق أخرى حسب اختلاف الألسن.

2- التنوع اللغوي:

عبارة عمّا يلاحظ في مالي من تعدد وازدواج وتداخل في اللغات، والثنائية اللغوية المنتشرة بين أفرادها، في مختلف مناطقها. وسنفصل القول عن هذه الظاهرة لا حقا، عند تناول الخصائص اللّغوية للمنطقة الجنوبية.

مفهوم جنوب مالي: يراد به الأراضي الواقعة في جنوب جمهورية مالي، والشعوب القاطنة فيها.  وللتوضيح أكثر نريد بها المناطق السكانية البادئة من دائرة سان"  San" (في أواسط البلاد) مرورا إلى "كوتيالا، Koutiala"، و"سيكاسو  Sikasso "يسارا، باتجاه الجنوب الشرقي؛ ومن دائرة "سانْ" أيضا إلى: "سيغو Segou "، و"كولكورو Koulikoro "، و"بامكو Bamako "، و "كاي Kayes "يمينا، باتجاه الحدود الغربية لجمهورية مالي.

مالي :  يراد باللفظة هنا تلك الجمهورية (أو الدولة الأفريقية) الواقعة في غرب القارة، مساحتها تقدر بـحوالي: 1241238 كلم2؛ وسكانها يقدرون بــ:" 19 496 808  مليون نسمة." وهي محدود بسبع دول فرانكفونية  (ستة منها في غرب أفريقيا وواحد في شمالها)؛ والدول هي: النيجر Niger وبوركينا فاسو Burkina Fasso، وكوت ديفوار Côte d'ivoire وغينياGuinnée  والسنغال Sénégal وموريتانيا والجزائر. وكانت مستعمرة فرنسية، ثمّ نالت استقلالها سنة 1960م، ونسبة المسلمين فيها يربو على 95 %.

وتقسّم هذه الجمهورية إداريا إلى تسعة أقاليم هي: كاي Kayes، كوليكورو Koulikoro، سيكاسو Sikasso، سيغو Ségou، موبتي Mopti، تمبكتو Tombuctou، غاو Gao، كيدال Kidal، توديني Taodeni. وعاصمتها هي : مدينة بماكو Bamako، وتحتضن أكثر من" ثلاث ملايين شخصا".

مالي عبر تاريخها: يمكن تقيسم تاريخ دولة مالي إلى العصور التاريخية التالية :

1. العصر الإمبراطوري: ويشمل إمبراطوريةغانا ، وإمبراطورية مالى ، وإمبرطورية سنغاى وغيرها ، ويصعب تحديد بداية هذا العصر.

2. العصر المملوكي والاحتلالي : يضم تاريخ الممالك الإسلامية وغير الإسلامية التي قامت  بين عامي (1010  1331ه و 1589  1910م)، وتاريخ الاحتلال الفرنسي عام (1301- 1381ه و 1880- 1960م).

3. العصر السيا سي الحديث : يتناول تاريخ دولة مالي منذ استقلالها من سيطرة الاحتلال.

 ثانيا:  الخصائص الاجتماعية واللغوية لسكان المنطقة:

مالي دولة متعددة الشعوب والقبائل واللّغات، ومع ذلك فلم يتسبب لها ذلك أيّة اشكالات، لا في تقدم البلاد ولا في التّواصل بين شعوبها وقبائلها؛ وكذلك لم يتسبب في أيّما عائقة في التّعايش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد لسنين عديدة. وما تشهد مالي اليوم من ويلات وحروب على أراضيها فهي بريئة منها، وإنما هي مؤامرات خارجية عليها.

وحسب ما توصل إليه اللّغوي ميشال زكريا بتعريفه الثنائية اللغوية بأنها " الوضع اللغوي لشخص ما، أو لجماعة بشرية معينة تُتقن لُغتين، وذلك من دون أن تكون لدى أفردها قدرة كلامية مميّزة في لغة أكثر ممّا هي في اللغة الأخرى". حسب كلام ميشال، فالشخص أو المجتمع ثنائي اللغة هو من يُتقن اللغتين المختلفتين على حد سواء. وهذا التعريف ينطبق على لسان سكان منطقة جنوب مالي وغيرها من المناطق.

ü تقسيم لغات جنوب مالي حسب المناطق:

يحتضن جنوب جمهورية مالي منذ آلاف السنين شعوبا وقبائلا وألسنا ولغات شتى، أتوا من المشرق والمغرب قبل ميلاد عيسى عليه السلام بآلاف سنين، من بين هذه القبائل قبيلة مندين وسونيكي، وممارا،  (Miyanka)وحسانية، شعوب هذه القبائل لها بصمة تاريخية في بناء حضارة مالي منذ يومئذ إلى وقتنا هذا، وهذه المنطقة كانت لها دور رئيسي في توطين علاقة مالي ثقافيا واقتصاديا ببعض دول المغرب العربي، مثل: الجزائر وموريتانيا والمملكة المغربية. وإليكم تلك اللغات على حسب الأماكن:

1. العاصمة:  - بماكو-  تحتضن العاصمة جميع لغات مالي البالغ عددها إحدى عشرة لغة، وإن كان سواد الأعظم للسان انكو لغة بمانا، ومالينكي، وكاسونكي- ويصل نسبة المتكلمين به نحو 85٪ وتليه لغة سونيكي، ويعتبر  لسان انكو فيها لسان التواصل المشترك والسوق.

2. إقليم كاي: نظرا لموقعه الجغرافي في الجنوب الغربي المطل على موريتانيا والسنغال احتضن عدة لغات هي: سونيكية، وفلفلدي، وانكو، وحسانية. واللغة السونيكية هي لغة التواصل بالدرجة الأولى في إقليم كاي، ثم فلفلدي، ثم لغة الكاسونكي...

3. إقليم كوليكورو: وتنتشر فيه عدة لغات متنوعة مثل: بمانا، فلفلدي، سونيكية، حسانية. واللغة السائدة فيه هو لسان انكو، ثم السونيكية.

4. إقليم سيكاسو: نظرا لموقعه الجغرافي المطل على الساحل العاج وبوركينافاسو احتضن عدة لغات منها لغة سينارا بالدرجة الأولى ثم  ممارا (Miyanka)  ثم ديولا... الخ.

5. إقليم سيقو: فسيقو مدينة تاريخية أصيلة للناطقين بلغة بمانا، وكثيرا ما تبث أفلاما وثائقيا حكوميا وغيرها بلغة بمانا، وهذه اللغة بمانا أثرت كثيرا على أختها، أعني لغة مالينكي، التي هي الأصل لها. وفيه لغة ممار، وفلفلدي، وبومو. وهاكم الخريطة حسب لغات مالي:

 

ü تعليق:

توحي الخريطة بوجود ثلاثة عشر (13) عرق لغوي، من بينها لغة بمانا، المشار إليها باللون الأصفر، وتليها لغتا مالينكي وكسونكي (Malinké, kassonké)، وهذه اللغات الثلاثة تنتمي إلى عرق لغوي واحد وهو لسان انكو، فالمتكلمون بهذه الثلاثة لا يجدون مشكلة في التفاهم بينهم؛ ولذا ممكن حصر لغات مالي في إحدى عشرة لغة.

وعند النظر إلى ما توحي إيه الخريطة أعلاه من اللغات العرقي بمالي في إطار الفصائل اللغوية الكبرى في أفريقيا، نجد أن جلها تنضوي تحت إحدى الفصائل التالية:

1. أفرو آسيوية Afro-asiatique

2. النيلية الصحراوية Nilo- saharienne

3. البانتو  Bantone

4. خويسان   khoisane

5. الكردفانية  Kordafanienne

6. الأسترونيسية  Austronésienne

7. النيجرية الكنغولية  Nigére congolaise

ü وضع لسان انكو في جنوب مالي:

للسان انكو مكانة مرموقة في غرب أفريقيا وخاصة في مالي، ولها رموز خاصة لكتابة لغاتها، اخترعها العالم العبقري سليمان كانتي عام 1949م، القادرة على كتابة أغلب لغات العالم، و يصل نسبة الناطقين بها في غرب أفريقيا نحو 51 مليون، وفي مالي حوالي: 85٪.

والجدير بالذكر أن هذا اللسان انكو - أصبح لسانا رسميا لمملكة مالي من عام 1250م إلى القرن الخامس عشر الميلادي. وقد ذكر صاحب كتاب مملكة صوصو-عبد القادر كجيري- قائلا: " وقد ظهرت هذه المملكة بعد معركة وقعت بين كرينا وداكا جلان والتي تمت بهزيمة سومنغور من قبل سونجاتا كيتا في 1235م   وهو كذلك لسان الجنود إبان فترة الإستعمار الفرنسي لمنطقة غرب إفريقيا.

ثالثا: الوضع الانثروبولوجي والعقدي لشعوب جنوب مالي:

1 ـ الوضع الانثروبولوجي:

جمهورية مالي من حيث الوضع الانثروبلوجي بلد متعدد القبائل والثقافات، يتعايش فيها أقوام سود وبيض، جنبا إلى جنب في سلم ووئام منذ آلاف السنين، في ظل امبراطوريات وممالك عظيمة بغرب أفريقيا.

وتتضمن مالي القبائل التالية:

بمنان، مالنيكي،  كاسونكي، سوننكي، سنغي، دوغونو، سينوفو، مينيانكا، بوبو،  بوزو من جانب، وكذلك العرب (البرابيش، الأنصار، والمور) والطوارق، وبعض قبائل الفلان. وتنتمي تلك القبائل إلى فضائل لغوية منها: أفرو أسيوية، نيجر كنغو مجموعة ماندي، النيلية الصحراوية.

نماذج لعادات وتقاليد لدى شعوب جنوب مالي:

فالعادات والتقاليد في مالي كغيرها من بلدان العالم، ما هي إلاّ عبارة عن تصرفات عادية لأهلها، تكون لائقة بثقافتهم، ومنسجمة مع بيئتهم ونظرتهم للحياة والكون وما وراءه، ولشعوب جنوب مالي عادات وتقاليد جمّة، من أهمّها:

المبادئ العرفية لحسن الخلق والضّيافة:

فمن مبادئ حسن الخلقأنّه عندما يلتقي الكبير مع الشاب أو الصغير في السّن، فأوّل من ينبغي أن يبدأ بالتّحية هو الشّاب والصّغير؛ وكذلك من مبادئ حسن الخلق أنّه إذا دخل فرد على جماعة يبدأ هو بالتّحية، وهم يردون عليه، جماعة أو فرادى. ومن مبادئه في التّحية، أنّه في الصباح الباكر كلّ أفراد الأسرة تأتي إلى رب الأسرتها متواضعين له بتقديم التّحية الصباحية والدّعاء له بطول العمر، وصحة البدن، ووفرة الرزق، والتّوفيق في الأعمال.. وغير ذلك.

ومن مبادئ حسن الخلق عند الناطقين بلسان انكو، أنّه عند نداء من يماثل الأبوين في العمر يبدأ النداء: بــ ( n'fa ) يعني (يا أبي / أو يا أبتي)، وذلك للرجال منهم. أمّا للنساء فبـ ( n'ba) بمعني (أمي / أو أماه ). وفي مجال الحديث والتحاور، فمن حسن الخلق أن الشباب إذا كانوا مع كبار السن في مجلس ما، لا ينبغي لهم الكلام إلاّ إذا أحيلت إليهم الكلمة.

وكذلك من حسن الخلق أيضا أن يعتزل الشاب كبار السن عندما يجتمعون للحديث مع بعضهم البعض أو التشاور، والتوقف عند ملاقاة الكبار في طريق أو مكان ضيق.

ومن المبادئ العرفية لشعوب جنوب مالي أنه عند اجتماع أفراد القبائل في أمر ما، فأول من يستمع إليه لتقديم الرأي هو أقلهم سنا ثم الذي يليه....إلخ، أمّا الأكبر في السن فلا يتدخل إلا بعد أن يعرف رأي الحاضرين كلهم فيلخصه ومن ثم يتخذ القرار الحاسم، الذي يكون في أغلب أحايين غير مضاد.

من مبادئ حسن الخلق في تناول الطعام، أنّ الرّجال والنّساء لا يأكلون معا، فالأولاد يأكلون مع الرجال، والبنات يأكلن مع الأمهات. ومن مبادئه في الطعام أيضا، أن المرأة عند تقديم الطعام أو الشّراب لشخص ما، تنحني للمقدم إليه الطّعام والشّراب قائلة: " هاكم الطّعام أو هاكم الشّراب ".

ومن حسن الأخلاق عند الأكل مع الكبير في السّن، أن لا يلمس أحد الطعام قبله، فهو الذي يعطي الإذن في الأكل بعد أن يتناول أوّل ذوق أو لقمة.

ومن حسن الأدب في تناول الطعام، أنّ الأطفال لا يجوز لهم الكلام أثناء تناول الطعام، ولا رفع أنظارهم إلى من يأكلون معهم، فيجب عليهم النظر دائما إلى المائدة والإمساك بالإناء إذا كان إناء واحدا حتى ينتهون من الأكل؛ وبعد الوجبة يقول الكلّ للكبير(abarika) بمعنى شكرا أو بُورِك في طعامنا، فيرد الكبير قائلا (abarika alaye)؛ أي الشكر لله أو بارك الله فيما أطعمنا.

ومن مبادئ حسن الضّيافة عند شعوب جنوب مالي، أن الضيف الذي يرسل إلى إنسان ما، يستحق كل العناية والحماية والمساعدة؛ فالضيافة شيء مقدس لديهم، يستقبلون الضيف بكل بهجة ورحاب صدر، وبأنواع من الهدايا قدر المستطاع، من ذبح بقرة أو شاة أو معز أو ديك.. فور وصول الضيف؛ وتقديم ماء الغسيل السّاخن في أوقات البرودة والرّطوبة. وغير ذلك من الأخلاقية وحسن الأدب.

 2 ـ الوضع العقدي:

فإن منطقة الجنوب تزخر بمعتقدات كثيرة، من أكثرها بروزا:

1. العقيدة الوثنية: بعبادة الأصنام والقبور والإيمان بالأرواحية أي حلول الأرواح في الأشياء.

2. العقيدة الإسلامية الصافية، بعيدة عن الوثنية والمسيحية.

3. العقيدة المختلطة بين الإسلامية والوثنية:  وهي خليطة  بمعتقدات الأجداد الوثنية في تصور الأمور وأسبابها، والتعاطي مع الظواهر الكونية المختلفة؛ وهي العقيدة  المنتشرة اليوم بين بعضهم؛ لكن قد يدين أحدهم بالإسلام، مع المحافظة على العادات والتّقاليد والأعراف البيئية، القديمة في المنطقة. فتجدهم تارة يمارسون الطقوس مع الوثنيين، ويصلون مع المسلمين، ويشاركونهم في شؤونهم الاجتماعية المختلفة؛ وتارة أخرى يطلبون المباركة والمدد من القساوسة والكهنة المسيحيين. وقد تجد منهم من هو إمام مسجد وفي الآن ذاته رئيس جمعية سرية وثنية.

4. انتشار الدّيانة المسيحية: مع الاستعمار الفرنسي (في المناطق المحصورة) بشكل كبير في دائرة سان، وكاتي، وكيتا، وواسولون.. وغيرها.

ويمكن أن يُلمح كل هذه المعتقدات، من خلال مخطوطاتهم المدوّنة هنا وهناك؛ بالحرف العجمي، في موضوعات وقضايا شتى.

أهم نتائج البحث: بعد هذه الدراسة الميسورة، وهذه النهضة العلمية في فضاء الدراسات اللسانية حول وضع لغات جنوب مالي، حققنا انجازات رغم قصر باعنا وقلة بضاعتنا التي عاقتنا عن خوض غماره كما ينبغي، إلا أننا تمكنا الوصول إلى ما يلي من النتائج:

1. توصلنا في هذا العمل إلى أن جنوب جمهورية مالي محتوية على ألسن وأعراق وثقافات متنوعة، وأن قاطنها وضعوا بصماتهم في شمس تاريخ أفريقيا الغربية.

2. أفاد البحث أن مستقبل لغات جنوب مالي وثقافتهم محفوفة بالخطر الداهم، إذا لم يهتم الباحثون المتخصصون من بني جلدتهم بلغات المنطقة في بحوثهم.

3. توصلنا في هذه الدراسة إلى وجود الثنائية اللغة فأكثر في المنطقة، وأن لسان انكو طغى على كل اللغات؛ نظرا لكونه لغة التواصل المشترك، ولغة السوق. ويصل عدد لغاتها نحو إحدى عشرة لغة.

4. هذا البحث تناول الخصائص الاجتماعية واللغوية والثقافية والعقدية لسكان المنطقة.

5. أخيرا أفاد البحث وجود عادات وتقاليد وعقائد شتى بجنوب مالي، بعضها إسلامية بحتة، وبعضها وثنية بحتة، وأخرى خليطة بينهما.

المصادر والمراجع:

1. الفلانيون وإسهامهم في الحضارة الإسلامية بمالي، تأليف: محمد جاكتي، بحث لنيل شهادة الدكتوراه، غير منشور.

2. قضايا ألسنية دراسات لغوية إجتماعية مع مقاربة تراثية، تأليف: ميشال زكريا، ط1، دار العلوم للملايين، مؤسسة ثقافية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، لبنان، 1993م.

3. اللغات في إفريقيا مقدمة تعريفية، نقلاً عن P.E.H.Hair (1969) “ Samuel Ajayi Krowthe: A

4. اللغة وعلم اللغة، تأليف: جون ليونز، ترجمة د. مصطفى التوني، دار النهضة العربية – القاهرة- ط1، 1987.

5. معجم اللغة العربية المعاصرة، تأليف: د أحمد مختار عبد الحميد عمر بمساعدة فريق عمل، الناشر: عالم الكتب، الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م.

6. مملكة صوصو (بيلدوغو حاليا) مترجم من sosso Dofo، تأليف: عبد القادر بن تيجان بن لام كجيري، مؤسسة كبيرى للتربية والبحوث التاريخية، 2014م.

1. Bocar N`DIAYE , Contribution à la Connaissance des us et coutumes du Mali .éduction jamana, 1997.

2. DESCHAMPS H., Ed, : Histoire générale de l'Afrique, Paris, presses Universitaires de France, 1970, AJAYI A. and CROWDER N. Ed : History of west Africa, vol. II, Longman, 1974, reedite en 1987. ARCIN A. : Histoire de la Guinée Française, Paris, A. challamel. 1911. BAZIN J.: Commerce et prédation. L'Etat Bambara de Segou et ses communautés Marka Communication au Congres d'Etudes Manding. Londres, 1972. <<Guerre et servitude a Ségou >> in L'Esclavage en Afrique noire précoloniale, édité par CI. Meillassoux, Paris, Maspero, 1975  COQUERY VIDROVITCH C et MONIOT H. : L'Afrique noire de 1800 a nos jours, Paris, Presses Universitaires de France, 1974. DELAFOSSE M. : Haut – Sénégal – Niger (Soudan Français), Paris, Larose, 1912.

3. Document de Politique Linguistique du Mali, Décembre 2010.

4. Grammaire fondamentale du Bambara, écrit par Gérard  Dumestre, Editions KARTHALA, 2003, à Paris.

5. https://bamako.ml/index.php/district-de-bamako/

6. https://countrymeters.info/fr/Mali.

7. http://www.axl.cefan.ulaval.ca/afrique/images/Mali-ethnies-map.gif

8. Quatrieme recensement de la population de l’habitat du Mali (R G P H – 2009 ), analyse des résultahs définitifs thème état et structure de la population. Institut national de la statistique decembre 2011.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق